منتديات اشواق وحنين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات اشواق وحنين

للزمن الجميل . منتدى لكل العرب اجتماعى ثقافى تعليمى ترفيهى منوع
 
الرئيسيةبحـثأحدث الصورالتسجيلدخول

شاطر
 

 قصة ابو زيد الهلالي ( الجزء الرابع عشر 14 ) غريق بني هلال في أرض المخاضة

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
sherif101
♥♥ Admin ♥♥

رقم العضوية :

♥♥ Admin ♥♥
sherif101

وسام الـ 7000 مشاركة
وسام الألفية السابعة

ذكر
تاريخ التسجيل : 13/12/2011
رقم العضوية : 1
عدد المساهمات : 7621
مزاجى اليوم : فله شمعة منورة
من مواضيعى :
الف ليلة وليلة الاذاعية كاملة للتحميل mp3

الشيخ امين الاسكندرانى . ملك الغزالة . الاصلى .حصريا عندنا وبس

البرنامج الاذاعى الفكاهى (ساعة لقلبك) 130 حلقة للتحميل




MMS : لو قلت احبك

قصة ابو زيد الهلالي ( الجزء الرابع عشر 14 ) غريق بني هلال في أرض المخاضة Empty
المشاركة رقم :1مُساهمةقصة ابو زيد الهلالي ( الجزء الرابع عشر 14 ) غريق بني هلال في أرض المخاضة   قصة ابو زيد الهلالي ( الجزء الرابع عشر 14 ) غريق بني هلال في أرض المخاضة Empty2015-01-28, 10:37 pm

تغريبة بنى هلال ورحيلهم إلى بلاد الغرب
****
قصة ابو زيد الهلالي كاملة (26 جزء)
بسم الله الرحمن الرح
الجزء الرابع عشر
غريق بني هلال في أرض المخاضة


وبعد ذلك أمر الأمير حسن بهد المضارب والخيام وركبت الأبطال ظهور الخيل والجمال وساروا بالنساء والعيال أمام الفرسان والأبطال قاصدين بلاد العرب والماضي بن مقرب، وما زالوا سائرين حتى وصلوا الى مكان يقال له المخاضة، وكان الماء مغدرا في السهول والبساتين والحقول، وكان الأمير زيدان والنساء والعيال سائرين أمام الفرسان والأبطال وكان أبو زيد خلف الجميع، فعند وصولهم الى هذا المكان تضعضعت الرجال والنساء، فوقعت الأحمال عن ظهور الجمال وصاحت النساء وصرخت الأطفال خوفا من الغريق، فلما شاهد الأمير حسن تلك الحال، خاف على الحريم والعيال وأيقن بالهلاك والوبال، فسأل عن أبي زيد فقالوا هو مع عمه حسن الجعبري في آخر الظعن مع حريمه وعياله، فأرسل واستدعاه اليه، فقال له قد اشتدت علينا المحن وأنا خايف على الحريم والعيال من الغريق وقال شعرا أجابه أبو زيد بمثله.

فلما انتهى أبو زيد مقاله، قالوا له نجي يا أبا زيد العربان من الغرق والطوفان فلكز الحصان وبين لهم طرق الأمان لأنه كان يعرف المكان، وكان أول من عبر الجازية وعليا زوجة الأمير أبو زيد، فاتفق أن الهجن قد تزاحمت حتى كادت النساء تقع على الأرض، فتشامتت الجازية وعليا بالكلام وتخاصمتا أشد خصام وكانت الجازية ازدرت فيها وتكلمت معها كلاما لا يرضيها، فاغتاظت عليا من الكلام ورجعت الى الوراء وأعلمت أباها غانم بما جرى.

فلما فرغت عليا من قولها وفهم أبوها فحوى كلامها، اغتاظ الغيظ الشديد الذي ما عليه من مزيد، وعلم أن هذا كان من الجازية عدوا وافتراء وأمر عربه في الحال أن ترد الظعن وترجع الى الوراء، فامتثلوا أمره في الحال ورجعت العربان بالنوق والجمال، فلما رأى أبو زيد الظعون راجعة، اندهش وتعجب وسأل عن السبب، فقالوا هذا ظعن عمك حسن مراده أن يرجع بالحريم والعيال، فلما سمع أبو زيد هذا الكلام، صار الضياء في عينيه كالظلام، ثم قصد عمه وقال له لماذا أنت راجع الى الوراء؟ فبكى عمه وأنشد يقول:
قال الأمير الجعبري بما جرى
العرض مني هتك بين الملا

اسمع كلامي يا أمير سلامة
النار في قلبي تهب وتشعلا

عند المخاضة اجتمعت نساؤكم
وبناتكم فوق الهوادج تنجلا

فتزاحمت عليا وجازية المها
عند الخروج من المخاضة للفلا

شتمت لعليا الجازية بكلامها
وزادت عليها بالمصائب والبلا

قال لها عليا ما هذا الأمل
منك أيا بنت سرحان العلا

أنا زوجة أبو زيد الفتى
هو ابن عمك في الرجال مكملا

قالت فروحي يا عشيقة عبدنا
سأقطع الرأس ما أخاف من الملا

زادت على عليا كلام يغيظها
كسرت لحرمتها أتتني ترفلا

فبكت وشكت ثم قالت ارتجع
فرديت ظعني يا سلامة عاجلا


فلما فرغ حسن الجعبري من كلامه وفهم أبو زيد فحوى شعره ونظامه، كان ذلك عليه أقوى من ضرب السيف، ولكنه أخفى الكمد وأظهر الصبر والجلد وقال له اعلم أيها العم المحترم أنه ليس على كل النساء ارتباط، والتفت الى زوجته وقال أعلميني بما جرى بينك وبين الجازية من النفور والخصام، فأعلمته بواقعة الحال وكيف شتمتها بدون سبب وجعلتها معيرة بين نساء العرب، فقال اخزي الشيطان وقومي بنا حتى نرجع الأن، قالت اذا رجع أبي رجعت أنا، فجعل يتلطف بخاطر عمه ويطلب منه الرجوع، فقال كلامك على العين والرأس الا في هذا، فانه غير مقبول الا بشرط أن تقطع رأس الجازية وتعدمها الحياة، فعند ذلك أرجع وأكون قد بلغت ما أتمناه، فقال أبشر بما طلبت يا عماه، فعند ذلك رجع أبو زيد والسيف بيده ودخل على الأمير حسن وهو في الصيوان وحوله الأمراء والأعيان، فسلم عليه وهو عابس، فقال له السلطان حسن علامك يا زين الفوارس فاني أراك غضبان، فأعلمه بما جرى ثم قال له مرادي أقتل الجازية بحد الحسام على ما بدا منها من كلام الذم والافتراء وحدثه بما فعلت من الأول الى الآخر، فقال السلطان دع عنك كلام النسوان وقم بنا الآن حتى نستعطف بخاطر عمك ونعود، فأجابه الى ذلك المرام وركب هو واياه وعند وصولهما المضارب والخيام، استقبلهما حسن الجعبري بالترحاب والاكرام، فأخذ حسن يستعطف خاطره ويقول له ارجع يا ابن الكرام ودع عنك كلام النسوان ولا تشمت بنا الأعداء في هذا المكان لأننا غرباء الأوطان ولا يجوز أن نختلف في هذا المكان، فقال وحق الواحد الأحد لا أرجع الا برأس الجازية، فقال أبشر مما طلبت فاني أبلغك القصد والأمل، فعند ذلك رجه معهما ولما بلغ الجازية هذا الخبر، أخذها القلق والضجر وخافت من الخطر، فسارت الى عند القاضي بدير وترامت على قدميه وقالت أنا في جيرتك لأنك كهف الأنام ومن يلتجئ اليك فلا يضام، فقال لها أبشري بالسلامة والخير فقد صرت في جوار القاضي بدير، ثم أخذها الى عند الحريم وزادها في التكريم والتعظيم لأنها من أشراف نساء العربان وهي أخت الأمير حسن عظيم الشأن، وبينما هو كذلك أقبل الأمير حسن وأبو زيد فالتقاهما بالبشاشة والترحاب وأخذ معهما في الحديث والخطاب، وقال لهما مالكما متكدران، فأعلماه بذلك الشأن وأن مرادهما قتل الجازية، فقال نفسي فداها فكيف يمكنني أن أسلمكم اياها وقد دخلت داري وصارت في زمامي، فهذا لايصير ولو شربت كاس حمامي، فقال أبو زيد لابد من قتلها على وقاحتها وفعلها، فقال من الصواب أيها الأحباب أن تحضر عليا والجازية للمحاكمة والاستنطاق فالتي تكون مذنبة منهما تستوجب العقاب ولا يعود يلومنا أحد من الناس، وهكذا استقر الحال، ورجع مع ابنته عليا الى الديوان، وكذلك حضرت الجازية فجلست خلف الستار خوفا من أن يقتلها أبو زيد، فعند ذلك سألها القاضي عن سبب اهانتها لعليا وما هو الداعي الموجب لذلك المقال الذي يورث القيل والقال، فأنكرت الجازية أمام الحاضرين بأنها ما قالت كلاما يغيظ ولا يهين، بل كان كلامها على سبيل العتاب كما جرت عادة الأحباب، فالتفت الى عليا وقال يظهر من هذا المقال بأن الجازية لم تتكلم في حقك بشئ يورث القيل والقال، فان كان معك شهود فأحضريهم ليشهدوا عليها، فذهبت عليا الى البنات اللواتي كن في ذلك الوقت حواليها وطلبت منهن أن يحضرن معها للديوان فقلن نحن لا نذهب معك ولا نترك الجازية ونتبعك، فعادت عليا وأعلمت القاضي بذلك الخبر فقال أن الجازية بريئة ليس عليها أدنى حق، ثم دخلت الجازية لعند الحريم ورجعت عليا لعند أبيها وهي في غم عظيم فلما رآها أبو زيد راجعة مداح يترنم ببعض الشعر.

ثم ركب ظهر الجواد وقال لقد مللت من الحرب وليس لي حاجة الى بلاد الغرب، فرأته الأمراء والفرسان قد رجع الى الوراء، فازدادوا غما وكدرا واستعظموا الحال، وعلموا أنهم بدونه لا ينفعون في القتال، فعند ذلك تقدم الأمير زيدان وقال للسادات نحن والله بدون أبي زيد لانقدر على عمل حيلة ولولاه ما كنا قطعنا كل هذه المسافة الطويلة.

فلما فرغ زيدان من شعره وسمعه الأمير حسن وباقي الأمراء، قالوا لقد تكلمت بالصواب لأن أبا زيدا سيفنا الصقيل ورمحنا الطويل، ثم ركب الأمير حسن مع جماعة من الأبطال وسار الى عند حسن الجعبري فالتقاه بالتعظيم والاحترام وأكرمه كل الاكرام، فقال له الأمير حسن ان كان مرادك أن ترجع الى بلادك، فـدع أبا زيد يوصلنا الى بلاد الغـرب ولا تشتت شملنا ثم أشار يقول:
يقول الفتى حسن الهلالي أبو علي
ولي قلب بين الجوانح طار

يا أمير قد جيناك نرجو لهمتك
أيا ليت عمرك أطول الأعمار

فأولادنا بالقيروان وقابس
رهاين وهم في قلعة وحصار

نريدك ترد أبو زيد يا ملك
يدلنا للقيروان جهار

فأدخل عليه لا بد يقبل عزيمتك
يا برمكي يا مكرم الخطار

حتى نروح الى بلاد نجيبهم
ونجعل بلاد القيروان دمار

فقلبي على مرعي قد ذاب وانكوى
وشبت بقلبي والضمائر نار

علشان مرعي هنت حالي وجيتكم
وأتوك هلال كبارهم وصغار


فلما فرغ الأمير حسن من شعره ونظامه وفهم حسن الجعبري فحوى كلامه، قال أنا لا بد لي من الرجوع الى دياري، ثم أنه التفت الى أبي زيد وقال بحياتي أن ترجع الى قومك بني هلال وتذهب معهم الى بلاد الغرب، فقال سمعا وطاعة، ثم ودع زوجته ورجع، وكان قد نأثر على فراق عليا لأنها كانت عزيزة عليه، فعز عليه الفراق واشتد عليه الحزن، فاجتمعت الأمراء والأعيان ودخلوا على الأمير حسن في الصيوان وقالوا له: ان أبا زيد كثير القلق والغم فمن الصواب أن يتزوج فتزول عنه الشدة ويحصل على الفرح، فصار كل واحد منهم يقول أنا أزوجه ابنتي ثم جمعوا بنات أمراء القبيلة وزينوهن بأحسن زينة وكان من جملتهن بنت الأمير دياب وبنت الأمير حسن وبنت الرياشي وبنت عرندس وبنت الليث الكندي وبنت القاضي بدير والجازية أم محمد التي بسببها حصل النكد، وأحضروهن أمام أبي زيد وأوقفوهن بين يديه وقالوا له اختر لك واحدة منهن زوجة لك عوضا عن عليا، فان كل واحدة منهن أجمل منها وأحلى، فلم يرض ولم يقبل أي واحدة منهن، ثم تقدمت الجازية بين يديه وعرضت نفسها عليه، وكان كما تقدم عنها الخبر جميلة المنظر ومحبوبة من جميع البشر، فقال لها ارجعي والا جعلتك بسيفي قطعتين، فاغتاظت من هذا الكلام وكانت تظن أن تتزوج به وتبلغ المرام، ثم خرجت هي والبنات الى المضارب والأبيات.

ديوان الماضي بن مقرب

في اليوم الثاني عبرت بنو هلال نهر النيل، ومازالوا يقطعون البراري حتى وصلوا الى بلاد الصعيد، وكان الحاكم عليها في تلك الأيام رجل صاحب قدر ومقام وفضل واحترام، اسمه الماضي بن مقرب، وكان صاحب حسب ونسب وأصله من بلاد العرب، وكانت اقامته في بلاد نجد العدية الى أن تملكها بنو هلال بالقوة الجبرية، وقتلوا ملكها الهديبي ابن عطية واستوطنوا فيها، فاصطحب الماضي مع الأمير حسن وسادات بني هلال، غير أنه لكثرة الرجال وازدحام المراعي والجمال ارتحل الماضي من تلك الأرض وسار بأهله وعياله الى أرض الصعيد وسكن فيها، وكان يملكها رجل جبار يقال له نصار، فائتلف مع الماضي أشد ائتلاف وجعله نائبه في تلك البلاد وشاركه في ماله ونعمته، وبعد موت الملك نصار تسلطن الماضي على الديار وكان محبوبا من الكبار والصغار، فلما وصلت بنو هلال الى تلك الديار التقاهم بالترحاب والاحترام وأجلسهم في أعز مقام وذبح لهم الطيور والأغنام، فشكرته الأمراء على حسن اهتمامه ثم أخذهم الى أبياته فأقام الأمير حسن في ضيافته مع أهله وسادات عشيرته مدة عشرة أيام في الاعزاز والاكرام وشرب مدام وأكل طعام، ثم تفرقوا في بلاد الصعيد وانتشروا في البيد وهم في سرور وأفراح وبسط وانشراح، فاتفق في بعض الأيام بينما كان الماضي جالسا على الطعام، قال أحد الأعوان اعلم يا ملك الزمان قد بلغني من بعض النسوان أنه يوجد في بني هلال امرأة بديعة الجمال عديمة المثال في الحسن والكمال والقد والاعتدال وفصاحة المقال لا يوجد مثلها في الخلق، لا في الشرق ولا في الغرب، واسمها الجازية، كأنها الشمس الضاحية، ان خطبتها منهم حصلت على السرور والأفراح لأن طلعتنا تنعش الصدور والأرواح، فقال الماضي ان طلبتها منهم يقولوا الماضي يريد حق ضيافته منا بنتا من بناتنا، فقال الوزير يا ملك الزمان بين الناس ما هو عيب والذي يتقرب من الناس خير من الذي يبتعد عنهم، فقال بعض الوزراء لقد سمعت أنا أيضا بخبر هذه الصبية وما فيها من المحاسن البهية، ولكن اعلم أنهم لا يزوجونها بأحد ولو كان من الملوك، فاذا كان لابد لك أيها الملك من ذلك فاطلب أولا الخضرا فرس دياب التي لايوجد مثلها في جميع المماليك وأنا أعلم أنه لا يعطيها لأن نفسه معلقة فيها، وبهذه الحيلة تطلب الجازية وتنال المراد، فلما سمع الماضي هذا الكلام تعلق قلبه بالجازية فكتب بذلك الى الأمير حسن.

فلما قرأ الأمير حسن الكتاب احتار من هذا الطلب، ثم أعطى أبا زيد الكتاب وقال له كيف الرأي عندك، أنا أعلم أن دياب ما يطلع عن الخضرا ولو ذهبت كل بني هلال.

فقال الأمير أبو زيد، الرأي عندي أن أذهب أنا وأنت والقاضي بدير الى الأمير دياب وندفع عوضها من الأموال والخيول الجياد ما يريد، فقال الأمير حسن هيا بنا، فركبوا وساروا حتى أشرفوا على تلك الأطلال، فالتقاهم الأمير دياب وقال أهلا وسهلا يا سادات الأكارم، وبعد أن جلسوا قليلا قال الأمير حسن لدياب، لنا عندك حاجة نريد أن تقضيها لنا، وعرض عليه ما اتفقا عليه، فقال دياب: يا أمير حسن كل شئ عندي في قبضة يدك الا الخضرا لأن روحي وروحها سوا.

قال له خاله القاضي بدير، هتكت الأمراء وكيف يجيؤن اليك وما تقضي لهم غرضهم، قال له يا خالي ان الخضرا أعز علي من البنين، فخذ عوضها مهما تريد من الخيول السوابق لأني لا أعطيها لأحد ولو اجتمعت كل الخلائق، فاغتاظ حسن من هذا المقال وعول على الرجوع الى بني هلال، فمنعه ألأمير غانم وأضافه عنده بمن معه، وذبح لهم الأغنام وأكرمهم غاية الاكرام، ثم دخل على ابنه دياب وعاتبه أشد عتاب وأمره أن يعطيه الخضرا، فأجابه لذلك المرام ولم يقدر أن يخالفه، ثم أنه أسرج الخضرا وقادها الأمير حسن، فشكره الأمير حسن، وقال أبو زيد اكتب كتاب الى الماضي وأرسل له الخضرا في الحال، فكتب اليه يقول:
يقول الفتى حسن الهلالي أبو علي
فحاشا لمثلي أن يكون بخيل

أيا ماضي أنا الفتى حسن الهلالي
أرسلت أنا خضرة دياب عجيل

أرسلت لك خضرة دياب بسرجها
والدرع والدبوس بالتكميل

أيا ليتها يا ابن عمي مباركة
فوكل عليها يا أمير وكيل

مقال الفتى حسن الهلالي أبو علي
تمنيت عمرك أن يكون طويل


فلما انتهى حسن من هذا الخطاب، سلمه الى النجاب وأمره أن يسير بالخضرا لعند الماضي ويعطيه الكتاب، فبكى على فراقها وتقدم اليها وعانقها، فأخذها النجاب الى الماضي فقدمها له وأعطاه الكتاب، فلما قرأه ورأى الخضرا، تعجب من كرم الأمير دياب ثم سلمها الى السياس، والتمت حوله أكابر القوم وهنؤوه بها، لأنهم ما رأوا لها نظير بين سائر الخيول، وقالوا له بارك الله لك فيها، فقال بارك الله فيكم وأريد أن تركبوا خيلكم وأنا أركب الخضرا ونطلع الى الصيد ونجربها، فركبوا وساروا الى أن وصلوا الى مكان الصيد، فأطلقها الماضي وأرخى لها العنان، فعرفت الخضرا أن راكبها ليس خيالها، فكانت ترفعه عن ظهرها مقدار خمسة أذرع الى أن اختل توازنه فوقع عن ظهرها الى الأرض، فارتض جسمه وتألم، ولما أتمت الخضرا مشوارها عادت الى الماضي ووقفت عنده، فقام وقادها من رسنها وما تجرأ أن يركبها الى أن وصل الى قومه، فسألوه عن أفعال الخضرا فأجاب يقول:
قال الفتى الماضي بن مقرب
الرجل لا يأمن هموم الدهر

جتني ترى الخضرا فرحت بشوفها
وانشرح مني الحشا والصدر

ركبتها حت أشوف أحوالها
طارت شبيه الطير يم الوكر

وراحت كما الغزلان غابت بالفلا
رمتني فوق الثرى عند الصخر

غبت عن نفسي وحيلي انقطع
وتكسرت عظامي من الظهر

أنا أرسلها غدا لأهلها
لعند أبو مرعي من الفجر


فبينما هم بالكلام واذا بنجاب مقبل قاصدا الماضي، فحول على باب الصيوان وسلمه كتابا، ففتحه الماضي وقرأه بين السادات واذا به من عند شكر الشريف بن هاشم زوج الجازية أم محمد، يتضمن على سلام وافر وأشواق، ومن عجب ما تضمنه وحواه، تنازله عن الجازية وتقديمها له لتكون من جملة نسائه، وكان السبب لهذا الأمر المستغرب الذي لم يسمع مثله في العرب هو أن بني هلال عند وصولهم الى مدينة الشام وحروبهم مع شبيب التبعي كانت الجازية أرسلت الى بعلها المشار اليه كتابا تسلم عليه وتعلمه عن مسيرهم الى بلاد الغرب وأنهم سيمرون في طريقهم على الماضي بن المقرب وأنه بالكاد أن ترجع اليه وتراه، فلما اطلع زوجها عل هذا التحرير أوجبه الحال أن يكتب للماضي ذلك المقال لأنه كان يحبه، فتنازل له عن زوجته وأرسل له أيضا صورة الكتاب على سبيل العهد والميثاق.

فلما فرغ الماضي من قراءة الكتاب وفهمه الحاضرون، اعتراهم العجب وأخذهم الطرب وقالوا وحق علام الغيوب لقد جاء هذا الكتاب طبق المرغوب لأنه لم يخطر في البال بأن شكر الشريف يتنازل عن الجازية أم محمد.

فاتفق رأيهم على أن الماضي يرسل الخضرا الى بني هلال ويعلمهم بواقعة الحال ويطلب منهم الجازية، فاستصوب الماضي هذا القرار وأيقن ببلوغ الأوطار وأرسل الخضرا الى السلطان حسن وطلب منه الجازية أم محمد.

( قال الراوي ):
ثم أن الماضي كتب الكتاب وبعد قراءته على وزرائه وكبار دولته، وجدوه مناسبا، فسلمه الى النجاب وسلمه الخضرا فرس دياب وأمره أن يسير الى عند الأمير حسن ويأتيه بالجواب، فامتثل وسار حتى وصل الى بني هلال، فدخل على الأمير حسن وسلمه الكتاب، فقرأه وفهم معناه ثم التفت الى الأمير دياب وقال له أن فرسك قد رجعت اليك، فقم وخذها، فقال دياب أنني ما وهبت قط شيئا في حياتي وعدت استرجعه، فخذها أنت واجعلها من جملة خيولك، فقال هذا لا يكون فأنت صاحب المعروف وأحق بها من غيرك، فعند ذلك أخذها دياب وسار وهو في غاية الفرح والاستبشار، وبعد ذهاب الأمير دياب استدعى السلطان حسن أخته الجازية، فأتت ودخلت عليه وقالت له ماذا تريد أيها الملك السعيد؟ فأخبرها كيف أرسل الماضي يطلبها ومارده أن يتزوج بها، ولما سمعت هذا الخطاب، تكدرت وقالت كيف يتم هذا الأمر وبعلي شكر الشريف أبو أولادي محمد وعمر؟ وأنشدت تقول:
تقول فتاة الحي الجازية أم محمد
بدمع جرى فوق الخدود بداد

الا يا أخي اسمع شرح قصتي
وافهم ما أقول من الانشاد

ترى الحرمة ما تأخذ اثنين يا فتى
بأي مذهب حل وبأي اسناد

أنا بعلي شكر الشريف بن هاشم
سلطان مكة من أب وأجداد

وفارقت أولادي بغير ارادتي
وطاوعتك ما كان ذا بمرادي

وما فرقة الأولاد الا مصيبة
قما يدخل عيني قط سهاد

وما طلقني حتى أريد بداله
وصار بقلبي لهيب ووقاد

مقال فتاة الحي الجازية أم محمد
وهكذا حكم ربي عالعباد


فلما فرغت الجازية من كلامها والأمير حسن يسمع نظامها، كتب مكتوبا الى الماضي يعتذر فيه عن ارسال الجازية، ثم سلمه الى نجاب ليأخذه اليه ويأتيه بالرد، فامتثل وجد في قطع القفار حتى وصل الى الماضي، فأعطاه الكتاب، فلما قرأه كتب الى حسن أن شكره الشريف قد تنازل عن الجازية أم محمد، ثم أرسل كتاب الشريف مع الرسول الذي حضر معه، فلما وصل اليه سلم عليه بحضوره جماعة من الأمراء والأعيان، وكانت الجازية أم محمد من جملة الحاضرين، ففتح حسن الكتاب وقرأه فتعجب من ذلك الخبر الذي لم يخطر على قلب بشر، ثم التفت الى النجاب وقال له كيف أحوال شكر الشريف؟

فقال الحمد لله بخير وعافية وهو يهديكم جزيل السلام والأشواق، فعند ذلك أخبر الحاضرين بما كتبه شكر الشريف، فلما اطلعت الجازية على تلك الحال اعتراها الاندهاش وقالت هذا لا يكون أبدا ولو شربت كاس الردى، فقال أبو زيد من الصواب يا بنت الكرام أن نرسلك الى الماضي لأن له علينا جميل واحسان ولا سيما أن زوجك قد رخص له بك، فمتى صرت عنده حاوليه بأمر الزواج وأنا أخلصك من هذا القضية وتذهبين معنا الى الغرب، فتضمخت الجازية بالأطياب ولبست أحسن الثياب وكانت بديعة المنظر تزهو كالقمر، فازداد حسنها عن الأول لما تزينت بأفخر الحلل ولبست الجواهر، فأذهلت البصائر، ثم ركبت في هودجها بجماعة من النسوان، وركب معها الأمير حسن وعدة من الفرسان، وجدوا في السير طالبين الماضي، وأرسلوا يعلموه بقدوم الجازية والأمير حسن، فأخذ الكتاب، فلما قرأه زادت أفراحه وكثر انشراحه وأيقن بلقاء الحبيب بوقت قريب وأمر أحد وزرائه أن يستقبل الأمير حسن والجازية بالعساكر، فركب في الحال بثلاثة آلاف من الفرسان، وسار يقطع الطريق بالأغاني والأشعار وسار مع جماعة من النسوان اللواتي لهن قدر وشأن، فكانت النساء تدق بالدفوف والمزاهر والفرسان تلعب بالرماح والسيوف الى أن التقوا بالأمير حسن والجازية، فزادت بينهم الأفراح وكان يوم يستحق الاعتبار لم يسمع مثله في سالف الاعصار، وكان الماضي قد زين القصر بأنواع الحرير والقماش الفاخر، وعند وصولهم استقبلهم أحسن استقبال وأجلس حسن في صدر المقام وجلست حوله الأمراء الفخام ونزلت العروس عند الحريم ودارت الحلويات وكاسات الشراب على مائدة الأمراء والسادات، ثم حضرت سفرة الطعام وفيها من جميع اللحومات طالضأن والدجاج وبعد أن أكلوا وشربوا ولذوا وطربوا، رقصت النساء والبنات وغنت المغنيات بأنواع الأصوات، فكانت حفلة لم يسمع بمثلها ولم يفعل أحد كشكلها، وداموا في فرح وسرور وغبطة وحبور ثلاثة أيام، وفي اليوم الرابع، استأذن الأمير حسن من الماضي بالمسير الى بلاد الغرب، فقال الماضي أيها الملك الا تقيم عندي في هذه الأطلال، فبلادي واسعة وهي كثيرة المراعي، فشكره حسن على اهتمامه وقال لابد من المسير، ولما صمموا على الرحيل جعلت الجازية تبكي بدمع غزير لأنه لم يكن لها صبر ولا سلوان على فراقهم ساعة من الزمان، فلما زاد عليها الحال أكثرت من النحيب فانزعج الماضي وسمح لها بالذهاب معهم، ففرح بذلك الأمير حسن وأمر الفرسان بالركوب، فركبوا ظهور الخيول وركب الماضي بالفرسان وساروا بصحبتهم، فحلف عليه حسن بالرجوع، فترجلت حينئذ الفرسان وودعوا بعضهم فدعى لهم الماضي بالتوفيق والانتصار وسارت بنو هلال لبلاد تونس لخلاص مرعي ويحى ويونس.

تابع
قصة ابو زيد الهلالي ( الجزء الرابع عشر 14 ) غريق بني هلال في أرض المخاضة 4280803596 قصة ابو زيد الهلالي ( الجزء الرابع عشر 14 ) غريق بني هلال في أرض المخاضة 4280803596 قصة ابو زيد الهلالي ( الجزء الرابع عشر 14 ) غريق بني هلال في أرض المخاضة 4280803596
الجزء الثالث عشر قصة ابو زيد الهلالي ( الجزء الرابع عشر 14 ) غريق بني هلال في أرض المخاضة 720436442      قصة ابو زيد الهلالي ( الجزء الرابع عشر 14 ) غريق بني هلال في أرض المخاضة 1260002662 الفهرس قصة ابو زيد الهلالي ( الجزء الرابع عشر 14 ) غريق بني هلال في أرض المخاضة 1260002662      قصة ابو زيد الهلالي ( الجزء الرابع عشر 14 ) غريق بني هلال في أرض المخاضة 1215410045 الجزء الخامس عشر

توقيع : sherif101


█‏█‏█‏█‏█‏█‏███‏
 تحيا  قصة ابو زيد الهلالي ( الجزء الرابع عشر 14 ) غريق بني هلال في أرض المخاضة 4136803066 مصـر
█‏█‏█‏█‏█‏█‏███
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ashwaq2.ahlamontada.com
ashrafesmat3
♥ عضو ذهبى ♥

رقم العضوية :

♥ عضو ذهبى ♥
ashrafesmat3


ذكر
تاريخ التسجيل : 22/01/2015
رقم العضوية : 789
عدد المساهمات : 61
مزاجى اليوم : فله شمعة منورة
MMS : امح ذنوبك واستغفر الله

قصة ابو زيد الهلالي ( الجزء الرابع عشر 14 ) غريق بني هلال في أرض المخاضة Empty
المشاركة رقم :2مُساهمةرد: قصة ابو زيد الهلالي ( الجزء الرابع عشر 14 ) غريق بني هلال في أرض المخاضة   قصة ابو زيد الهلالي ( الجزء الرابع عشر 14 ) غريق بني هلال في أرض المخاضة Empty2020-10-26, 8:40 pm

شكرا جزيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قصة ابو زيد الهلالي ( الجزء الرابع عشر 14 ) غريق بني هلال في أرض المخاضة
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قصة ابو زيد الهلالي ( الجزء الرابع 04 ) حرب بني هلال مع الاعجام وسبي المارية
» قصة ابو زيد الهلالي ( الجزء الرابع والعشرين 24 ) مـقـتـل الـسـلـطـان حـسـن
» قصة ابو زيد الهلالي ( الجزء الثانى 02 )
» قصة ابو زيد الهلالي ( الجزء الثامن عشر 18 )
» قصة ابو زيد الهلالي ( الجزء السادس عشر 16 ) قصة عقل ابن هولا

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات اشواق وحنين :: قسم أشواق وحنين الادبى :: القصص والروايات-
انتقل الى: