تاريخ التسجيل : 13/12/2011رقم العضوية : 1عدد المساهمات : 7704مزاجى اليوم : من مواضيعى :
MMS :
المشاركة رقم :1۞ مقدمة وتعريف بسورة آل عمران 2014-03-22, 10:13 pm
۞ مقدمة وتعريف بسورة آل عمران ۞
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا القرآن هو كتاب هذه الدعوة هو روحها وباعثها وهو قوامها وكيانها وهو حارسها وراعيها وهو بيانها وترجمانها وهو دستورها ومنهجها وهو في النهاية المرجع الذي تستمد منه الدعوة كما يستمد منه الدعاة وسائل العمل ومناهج الحركة وزاد الطريق. ولكن ستظل هنالك فجوة عميقة بيننا وبين القرآن ما لم نتمثل في حسنا ونستحضر في تصورنا * أن هذا القرآن خوطبت به أمة حية ذات وجود حقيقي * ووجهت به أحداث واقعية في حياة هذه الأمة * ووجهت به حياة إنسانية حقيقية في هذه الأرض. * وأديرت به معركة ضخمة في داخل النفس البشرية وفي رقعة من الأرض كذلك معركة تموج بالتطورات والانفعالات والاستجابات وسيظل هنالك حاجز سميك بين قلوبنا وبين القرآن طالما نحن نتلوه أو نسمعه كأنه مجرد تراتيل تعبدية مهومة لا علاقة لها بواقعيات الحياة البشرية اليومية التي تواجه هذا الخلق المسمى بالإنسان والتي تواجه هذه الأمة المسماة بالمسلمين بينما هذه الآيات نزلت لتواجه نفوسا ووقائع وأحداثا حية ذات كينونة واقعية حية؛ ووجهت بالفعل تلك النفوس والوقائع والأحداث توجيها واقعيا حيا نشأ عنه وجود ذو خصائص في حياة الإنسان بصفة عامة وفي حياة الأمة المسلمة بوجه خاص *ومعجزة القرآن البارزة تكمن في أنه نزل لمواجهة واقع معين في حياة أمة معينة في فترة من فترات التاريخ محددة وخاض بهذه الأمة معركة كبرى حولت تاريخها وتاريخ البشرية كله معها ولكنه مع هذا يعايش ويواجه ويملك أن يوجه الحياة الحاضرة وكأنما هو يتنزل اللحظة لمواجهة الجماعة المسلمة في شؤونها الجارية وفي صراعها الراهن مع الجاهلية من حولها وفي معركتها كذلك في داخل النفس، وفي عالم الضمير بنفس الحيوية ، ونفس الواقعية التي كانت له هناك يومذاك * ولكي نحصل نحن من القرآن على قوته الفاعلة وندرك حقيقة ما فيه من الحيوية الكامنة ونتلقى منه التوجيه المدخر للجماعة المسلمة في كل جيل ينبغي أن نستحضر في تصورنا كينونة الجماعة المسلمة الأولى التي خوطبت بهذا القرآن أول مرة كينونتها وهي تتحرك في واقع الحياة وتواجه الأحداث في المدينة وفي الجزيرة العربية كلها؛ وتتعامل مع أعدائها وأصدقائها؛ وتتصارع مع شهواتها وأهوائها؛ ويتنزل القرآن
حينئذ ليواجه هذا كله ويوجه خطاها في أرض المعركة الكبيرة مع نفسها التي بين جنبيها ومع أعدائها المتربصين بها في المدينة وفي مكة وفيما حولهما وفيما وراءهما كذلك أجل يجب أن نعيش مع تلك الجماعة الأولى؛ ونتمثلها في بشريتها الحقيقية وفي حياتها الواقعية وفي شكلاتها الإنسانية؛ ونتأمل قيادة القرآن لها قيادة مباشرة في شؤونها اليومية وفي أهدافها الكلية على السواء؛ ونرى كيف يأخذ القرآن بيدها خطوة خطوة وهي تعثر وتنهض وتحيد وتستقيم وتضعف وتقاوم وتتألم وتحتمل وترقى الدرج الصاعد في بطء ومشقة وفي صبر ومجاهدة تتجلى فيها كل خصائص الإنسان وكل ضعف الإنسان وكل طاقات الإنسان ومن ثم نشعر أننا نحن أيضا مخاطبون بالقرآن في مثل ما خوطبت به الجماعة الأولى وأن بشريتنا التي نراها ونعرفها ونحسها بكل خصائصها تملك الاستجابة للقرآن والانتفاع بقيادته في ذات الطريق * إننا بهذه النظرة سنرى القرآن حيا يعمل في حياة الجماعة المسلمة الأولى؛ ويملك أن يعمل في حياتنا نحن أيضا وسنحس أنه معنا اليوم وغدا وأنه ليس مجرد تراتيل تعبدية مهومة بعيدة عن واقعنا المحدد كما أنه ليس تاريخا مضى وانقضى وبطلت فاعليته وتفاعله مع الحياة البشرية. * إن القرآن حقيقة ذات كينونة مستمرة كهذا الكون ذاته الكون كتاب الله المنظور والقرآن كتاب الله المقروء وكلاهما شهادة ودليل على صاحبه المبدع؛ كما أن كليهما كائن ليعمل والكون بنواميسه ما زال يتحرك ويؤدي دوره الذي قدره له بارئه الشمس ما زالت تجري في فلكها وتؤدي دورها والقمر والأرض وسائر النجوم والكواكب لا يمنعها تطاول الزمان من أداء دورها وجدة هذا الدور في المحيط الكوني، والقرآن كذلك أدى دوره للبشرية وما يزال هو هو فالإنسان ما يزال هو هو كذلك ما يزال هو هو في حقيقته وفي أصل فطرته. * وهذا القرآن هو خطاب الله لهذا الإنسان فيمن خاطبهم الله به خطاب لا يتغير لأن الإنسان ذاته لم يتبدل خلقا آخر مهما تكن الظروف والملابسات قد تبدلت من حوله ومهما يكن هو قد تأثر وأثر في هذه الظروف والملابسات، والقرآن يخاطبه في أصل فطرته وفي أصل حقيقته التي لا تبديل فيها ولا تغيير؛ ويملك أن يوجه حياته اليوم وغدا لأنه معد لهذا بما أنه خطاب الله الأخير؛ وبما أن طبيعته كطبيعة هذا الكون ثابتة متحركة بدون تبديل وإذا كان من المضحك أن يقول قائل عن الشمس مثلا هذا نجم قديم رجعي يحسن أن يستبدل به نجم جديد تقدمي أو أن هذا الإنسان مخلوق قديم رجعي يحسن أن يستبدل به كائن آخر تقدمي لعمارة هذه الأرض إذا كان من المضحك أن يقال هذا أو ذاك فأولى أن يكون هذا هو الشأن في القرآن خطاب الله الأخير للإنسان وهذه السورة تمثل قطاعا حيا من حياة الجماعة المسلمة في المدينة من بعد غزوة بدر في السنة الثانية من الهجرة إلى ما بعد غزوة أحد في السنة الثالثة وما أحاط بهذه الحياة من ملابسات شتى في خلال هذه الفترة الزمنية وفعل القرآن إلى جانب الأحداث في هذه الحياة وتفاعله معها في شتى الجوانب والنصوص من القوة والحيوية بحيث تستحضر صورة هذه الفترة؛ وصورة الحياة التي عاشتها الجماعة المسلمة؛ وصورة الاشتباكات والملابسات التيأحاطت بهذه الحياة مع استبطان السرائر والضمائر وما يدب فيها من الخواطر وما يشتجر فيها من المشاعر حتي لكأن قارئها يعيش هذه الأحداث ويعايش الأمة التي كانت تخوضها وتتفاعل
وإياها ولو أغمض الإنسان عينيه فلربما تراءت له كما تراءت لي شخوص الجماعة المسلمة رائحة غادية بسماتها الظاهرة على الوجوه ومشاعرها المستكنة في الضمائر ومن حولها أعداؤها يتربصون بها ويبيتون لها ويلقون بينها بالفرية والشبهة ويتحاقدون عليها ويجمعون لها ويلقونها في الميدان وينهزمون أمامها في أحد ثم يكرون عليها فيوقعون بها وكل ما يجري في المعركة من حركة وكل ما يصاحب حركاتها من انفعال باطن وسمة ظاهرة والقرآن يتنزل ليواجه الكيد والدس ويبطل الفرية والشبهة ويثبت القلوب والأقدام ويوجه الأرواح والأفكار ويعقب على الحادث ويبرز منه العبرة ويبني التصور ويزيل عنه الغبش ويحذر الجماعة المسلمة من العدو الغادر والكيد الماكر ويقود خطاها بين الأشواك والمصايد والأحابيل قيادة الخبير بالفطرة العليم بما تكن الصدور.
ومن وراء هذا كله تبقى التوجيهات والتلقينات التي احتوتها السورة خالصة طليقة من قيد الزمان والمكان وقيد الظروف والملابسات تواجه النفس البشرية وتواجه الجماعة المسلمة اليوم وغدا وتواجه الإنسانية كلها وكأنها تتنزل اللحظة لها وتخاطبها في شأنها الحاضر وتواجهها في واقعها الراهن ذلك أنها تتناول أمورا وأحداثا ومشاعر وجدانية وحالات نفسية كأنما كانت ملحوظة في سياق السورة بل هي ملحوظة قطعا في تقدير العليم الخبير بالنفوس والأشياء والأمور
* ومن ثم يتجلى أن هذا القرآن هو قرآن هذه الدعوة في أي مكان وفي أي زمان وهو دستور هذه الأمة في أي جيل ومن أي قبيل، وهو حادي الطريق، وهادي السبيل على توالي القرون ذلك أنه خطاب الله الأخير لهذا الإنسان في جميع العصور في هذه الفترة كانت الجماعة المسلمة في المدينة قد استقرت بعض الاستقرار في موطنها الجديد في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم ومضت خطوة وراء الموقف الذي صورناه من قبل في هذه الظلال في مطلع استعراض سورة البقرة كانت غزوة بدر الكبرى قد وقعت؛ وكتب الله فيها النصر للمسلمين على قريش وكان هذا النصر بظروفه التي تم فيها والملابسات التي أحاطت به تبدو فيه رائحة المعجزة الخارقة ومن ثم اضطر رجل كعبد الله بن أبي بن سلول من عظماء الخزرج أن ينزل عن كبريائه وكراهته لهذا الدين ونبيه ص وأن يكبت حقده وحسده للرسول الكريم؛ وأن ينضم منافقا للجماعة المسلمة وهو يقول هذا أمر قد توجه أي ظهرت له وجهة هو ماض فيها لا يرده عنها راد
بذلك وجدت بذرة النفاق في المدينة أو تمت وأفرخت فقد كان هناك قبل بدر من اضطروا لمنافقة أهلهم الذين دخلوا في الإسلام وأصبحت مجموعة من الرجال ومن ذوي المكانة فيهم مضطرة إلى التظاهر بالإسلام والانضمام إلى المجتمع المسلم بينما هي تضمر في أنفسها الحقد والعداء للإسلام والمسلمين؛ وتتربص بهم الدوائر؛ وتتلمس الثغرات في الصف؛ وتترقب الأحداث التي تضعضع قوى المسلمين أو تزعزع الصف المسلم ليظهروا كوامن صدورهم أو ليضربوا ضربة الإجهاز إذا كان ذلك في مكنتهم.
وقد وجد هؤلاء المنافقون حلفاء طبيعيين لهم في اليهود الذين كانوا يجدون في أنفسهم من الحقد على الإسلام والمسلمين وعلى نبي الإسلام عليه الصلاة والسلام مثل ما يجد المنافقون بل أشد وقد هددهم الإسلام تهديدا قويا في مكانتهم بين الأميين من العرب في المدينة؛ وسد عليهم الثغرة التي كانوا ينفذون منها للعب بين الأوس والخزرج بعدما أصبحوا بنعمة الله إخوانا وفي ظل الإسلام صفا واحدا مرصوصا وقد غص اليهود وشرقوا بانتصار المسلمين في بدر وارتفع غليان حقدهم على الجماعة المسلمة وانطلقوا بكل ما يمكلون من دس وكيد وتآمر يحاولون تفتيت الصف الإسلامي وإلقاء الحيرة في قلوب المسلمين ونشر الشبهات والشكوك في عقيدتهم وفي أنفسهم على السواء وفي هذه الفترة وقع حادث بني قينقاع فوضح العداء وسفر على الرغم مما كان بين اليهود والنبي ص من مواثيق أبرمها معهم عقب مقدمه إلى المدينة كذلك كان المشركون موتورين من هزيمتهم في بدر يحسبون ألف حساب لانتصار محمد ص ومعسكر المدينة وللخطر الذي يتمثل إذن على تجارتهم وعلى مكانتهم وعلى وجودهم كذلك ومن ثم يتهيأون لدفع هذا الخطر الماحق قبل أن يصبح القضاء عليه مستحيلا وبينما كان أعداء المعسكر الإسلامي في عنفوان قوتهم وفي عنفوان حقدهم كذلك كان الصف المسلم ما يزال في أوائل نشأته بالمدينة غير متناسق تماما فيه الصفوة المختارة من السابقين من المهاجرين والأنصار؛ ولكن فيه كذلك نفوس وشخصيات لم تنضج بعد والجماعة كلها على العموم لم تنل من التجارب الواقعية ما يسوي النتوءات ويوضح حقيقة الدعوة وحقيقة الظروف الملابسة لها وحقيقة منهجها العملي وتكاليفه كان للمنافقين وعلى رأسهم عبد الله بن أبي مكانتهم في المجتمع وروابطهم العائلية والقبلية لم تنفصم بعد؛ ولم ينضج في نفوس المسلمين الشعور بأن عقيدتهم وحدها هي أسرتهم وهي قبيلتهم وهي وشيجتهم التي لا وشيجة معها ومن ثم كانت هناك خلخلة في الصف الإسلامي بسبب وجود مثل هذه العناصر مندمجة في الصف مؤثرة في مقاديره كما يتجلى ذلك في أحداث غزوة أحد عند استعراض النصوص الخاصة بها في السورة وكان لليهود مكانتهم كذلك في المدينة وارتباطاتهم الاقتصادية والتعهدية مع أهلها ولم يتبين عداؤهم سافرا ولم ينضج في نفوس المسلمين كذلك الشعور بأن عقيدتهم وحدها هي العهد وهي الوطن وهي أصل التعامل والتعاقد وأنه لا بقاء لصلة ولا وشيجة إذا هي تعارضت مع العقيدة.
* ومن ثم كانت لليهود فرصة للتوجيه والتشكيك والبلبلة وكان هناك من يسمع لقولهم في الجماعة المسلمة ويتأثر به وكان هناك من يدفع عنهم ما يريد النبي ص أن ينزل بهم من إجراءات لدفع كيدهم عن الصف المسلم كما حدث في شفاعة عبد الله بن أبي في بني قينقاع وإغلاظه في هذا للرسول ص ومن ناحية أخرى كان المسلمون قد انتصروا في بدر ذلك النصر الكامل الباهر بأيسر الجهد والبذل فقد خرج ذلك العدد القليل من المسلمين غير مزودين بعدة ولا عتاد إلا اليسير فلاقوا ذلك الجحفل الضخم من قريش في عدتهم وعتادهم ثم لم تلبث المعركة أن انجلت عن ذلك النصر المؤزر الباهر وكان هذا النصر في الوقعة الأولى التي يلتقي فيها جند الله بجند الشرك قدرا من قدر الله ندرك اليوم طرفا من حكمته ولعله كان لتثبيت الدعوة الناشئة وتمكينها بل لإثبات وجودها الفعلي على محك المعركة لتأخذ بعد ذلك طريقها. فأما المسلمون فلعلهم قد وقع في نفوسهم من هذا النصر أنه الشأن الطبيعي الذي لا شأن غيره وأنه لا بد ملازمهم على أي حال في كل مراحل الطريق أليسوا بالمسلمين أليس أعداؤهم بالكافرين وإذن فهو النصر لا محالة حيثما التقى المسلمون بالكافرين غير أن سنة الله في النصر والهزيمة ليست بهذه الدرجة من البساطة والسذاجة فلهذه السنة مقتضياتها في تكوين النفوس وتكوين الصفوف وإعداد العدة واتباع المنهج والتزام الطاعة والنظام واليقظة لخوالج النفس ولحركات الميدان وهذا ما أراد الله أن يعلمهم إياه بالهزيمة في غزوة أحد على النحو الذي تعرضه السورة عرضا حيا مؤثرا عميقا وتعرض أسبابه من تصرفات بعض المسلمين؛ وتوجه في ظله العظات البناءة للنفس وللصف على السواء وحين نراجع غزوة أحد نجد أن تعليم المسلمين هذا الدرس قد كلفهم أهوالا وجراحات وشهداء من أعز الشهداء على رأسهم حمزة رضي الله عنه وأرضاه وكلفهم ما هو أشق من ذلك كله على نفوسهم كلفهم أن يروا رسولهم الحبيب تشج جبهته وتكسر سنة ويسقط في الحفرة ويغوص حلق المغفر في وجنته ص الأمر الذي لا يقوم بوزنه شيء في نفوس المسلمين ويسبق استعراض غزوة أحد وأحداثها في السورة قطاع كبير تستغرقه كله توجيهات متشعبة لتصفية التصور الإسلامي من كل شائبة؛ ولتقرير حقيقة التوحيد جلية ناصعة والرد على الشبهات التي يلقيها أهل الكتاب سواء منها ما هو ناشىء من انحرافاتهم هم في معتقداتهم وما يتعمدون إلقاءه في الصف المسلم من شبهات ماكرة لخلخلة العقيدة وخلخلة الصف من وراء خلخلة العقيدة * وتذكر عدة روايات أن الآيات من نزلت في الحوار مع وفد نصارى نجران اليمن الذي قدم المدينة في السنة التاسعة للهجرة ونحن نستبعد أن تكون السنة التاسعة هي زمن نزول هذه الآيات فواضح من طبيعتها وجوها أنها نزلت في الفترة الأولى من الهجرة حيث كانت الجماعة المسلمة بعد ناشئة وكان لدسائس اليهود وغيرهم أثر شديد في كيانها وفي سلوكها وسواء صحت رواية أن الآيات نزلت في وفد نجران أم لم تصح؛ فإنه واضح من الموضوع الذي تعالجه أنها تواجه شبهات النصارى وبخاصة ما يتعلق منها بعيسى عليه السلام وتدور حول عقيدة التوحيد الخالص كما جاء به الإسلام وتصحح لهم ما أصاب عقائدهم من انحراف وخلط وتشويه وتدعوهم إلى الحق الواحد الذي تضمنته كتبهم الصحيحة التي جاء القرآن بصدقها ولكن هذا الفصل يتضمن كذلك إشارات وتقريعات لليهود وتحذيرات للمسلمين من دسائس أهل الكتاب وما كان يجاورهم في المدينة من أهل الكتاب ممن يمثل مثل هذا الخطر إلا اليهود. وعلى أية حال فإن هذا الفصل الذي يستغرق حوالي نصف السورة يصور جانبا من جوانب الصراع بين العقيدة الإسلامية والعقائد المنحرفة في الجزيرة كلها وهو ليس صراعا نظريا إنما هو الجانب النظري من المعركة الكبيرة الشاملة بين الجماعة المسلمة الناشئة وكل أعدائها الذين كانوا يتربصون بها ويتحفزون من حولها ويستخدمون في حربها كل الأسلحة وكل الوسائل وفي أولها زعزعة العقيدة وهي في صميمها المعركة التي ما تزال ناشبة إلى هذه اللحظة بين الأمة المسلمة وأعدائها إنهم هم هم الملحدون المنكرون والصهيونية العالمية والصليبية العالمية ومن مراجعة نصوص السورة يتبين أن الوسائل هي الوسائل كذلك؛ والأهداف هي الأهداف ويتجلى أن هذا القرآن هو قرآن هذه الدعوة ومرجع هذه الأمة اليوم وغدا كما كان قرآنهاومرجعها بالأمس في نشأتها الأولى وأنه لا يعرض عن استنصاح هذا الناصح واستشارة هذا المرجع في المعركة الناشبة اليوم إلا مدخول يعرض عن سلاح النصر في المعركة؛ ويخدعنفسه أو يخدع الأمة لخدمة أعدائها القدامى المحدثين في غفلة بلهاء أو في خبث لئيم * ومن خلال المناقشات والجدل والاستعراض والتوجيه في هذا المقطع الأول يتبين موقف أهل الكتاب المنحرفين عن كتابهم من الجماعة المسلمة والعقيدة الجديدة ممثلا في أمثال هذه النصوص:- هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ ..... {7} أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوْتُوا نَصِيباً مِّنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُم مُّعْرِضُونَ {23} يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنزِلَتِ التَّورَاةُ وَالإنجِيلُ إِلاَّ مِن بَعْدِهِ ...65 وَدَّت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ ... {69} يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ {70} يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ {71} وَقَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِيَ أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ {72} وَلاَ تُؤْمِنُوا إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ .... {73} .... وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِماً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ {75} وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ {78} قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَاللّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ {98} قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجاً وَأَنتُمْ شُهَدَاء ... {99} هَاأَنتُمْ أُوْلاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ {119} إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا .... {120}
وهكذا نرى أن أعداء الجماعة المسلمة لم يكونوا يحاربونها في الميدان بالسيف والرمح فحسب؛ ولم يكونوا يؤلبون عليها الأعداء ليحاربوها بالسيف والرمح فحسب إنما كانوا يحاربونها أولا في عقيدتها كانوا يحاربونها بالدس والتشكيك ونثر الشبهات وتدبير المناورات كانوا يعمدون أولا إلى عقيدتها الإيمانية التي منها انبثق كيانها ومنها قام وجودها فيعملون فيها معاول الهدم والتوهين. * ذلك أنهم كانوا يدركون كما يدركون اليوم تماما أن هذه الأمة لا تؤتى إلا من هذا المدخل؛ ولا تهن إلا إذا وهنت عقيدتها؛ ولا تهزم إلا إذا هزمت روحها؛ ولا يبلغ أعداؤها منها شيئا وهي ممسكة بعروة الإيمان مرتكنة إلى ركنه سائرة على نهجه حاملة لرايته ممثلة لحزبه منتسبة إليه معتزة بهذا النسب وحده ومن هنا يبدو أن أعدى أعداء هذه الأمة هو الذي يلهيها عن عقيدتها الإيمانية ويحيد بها عن منهج الله وطريقه ويخدعها عن حقيقة أعدائها وحقيقة أهدافهم البعيدة
تابع بالاسفل
عدل سابقا من قبل sherif101 في 2021-11-08, 6:45 pm عدل 1 مرات
sherif101 ♥♥ Admin ♥♥
رقم العضوية :
وسام الـ 7000 مشاركة
وسام الألفية السابعة
تاريخ التسجيل : 13/12/2011رقم العضوية : 1عدد المساهمات : 7704مزاجى اليوم : من مواضيعى :
MMS :
المشاركة رقم :2رد: ۞ مقدمة وتعريف بسورة آل عمران 2014-03-22, 10:31 pm
* إن المعركة بين الأمة المسلمة وبين أعدائها هي قبل كل شيء معركة هذه العقيدة وحتى حين يريد أعداؤها أن يغلبوها على الأرض والمحصولات والاقتصاد والخامات فإنهم يحاولون أولا أن يغلبوها على العقيدة لأنهم يعلمون بالتجارب الطويلة أنهم لا يبلغون مما يريدون شيئا والأمة المسلمة مستمسكة بعقيدتها ملتزمة بمنهجها مدركة لكيد أعدائها ومن ثم يبذل هؤلاء الأعداء وعملاؤهم جهد الجبارين في خداع هذه الأمة عن حقيقة المعركة ليفوزوا منها بعد ذلك بكل ما يريدون من استعمار واستغلال وهم آمنون من عزمة العقيدة في الصدور وكلما ارتقت وسائل الكيد لهذه العقيدة والتشكيك فيها والتوهين من عراها استخدم أعداؤها هذه الوسائل المترقية الجديدة ولكن لنفس الغاية القديمة وَدَّت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ ... {69} فهذه هي الغاية الثابتة الدفينة
لهذا كان القرآن يدفع هذا السلاح المسموم أولا
* كان يأخذ الجماعة المسلمة بالتثبيت على الحق الذي هي عليه؛ وينفي الشبهات والشكوك التي يلقيها أهل الكتاب
* ويجلو الحقيقة الكبيرة التي يتضمنها هذا الدين؛ ويقنع الجماعة المسلمة بحقيقتها وقيمتها في هذه الأرض ودورها ودور العقيدة التي تحملها في تاريخ البشرية
* وكان يأخذها بالتحذير من كيد الكائدين ويكشف لها نواياهم المستترة ووسائلهم القذرة وأهدافهم الخطرة وأحقادهم على الإسلام والمسلمين لاختصاصهم بهذا الفضل العظيم
* وكان يأخذها بتقرير حقيقة القوى وموازينها في هذا الوجود فيبين لها هزال أعدائها وهوانهم على الله وضلالهم وكفرهم بما أنزل الله إليهم من قبل وقتلهم الأنبياء كما يبين لها أن الله معها وهو مالك الملك المعز المذل وحده بلا شريك وأنه سيأخذ الكفار وهو تعبير هنا عن اليهود بالعذاب والنكال؛ كما أخذ المشركين في بدر منذ عهد قريب وكانت هذه التوجيهات تتمثل في أمثال هذه النصوص:-
ومن هذه الحملة الطويلة التي اقتطفنا منها هذه الآيات وتنوع توجيهاتها وتلقيناتها تتبين عدة أمور
* أولها:- ضخامة الجهد الذي كان يبذله أهل الكتاب في المدينة وغيرها وعمق الكيد وتنوع أساليبه واستخدام جميع الوسائل لزعزعة العقيدة وخلخلة الصف المسلم من ورائها
* وثانيها:- ضخامة الآثار التي كان هذا الجهد يتركها في النفوس وفي حياة الجماعة المسلمة مما اقتضى هذا البيان الطويل المفصل المنوع المقاطع والأساليب
* وثالثها:- هو ما نلمحه اليوم من وراء القرون الطويلة من أن هؤلاء الأعداء هم الذين يلاحقون هذه الدعوة وأصحابها في الأرض كلها؛ وهم الذين تواجههم هذه العقيدة وأهلها ومن ثم اقتضت إرادة الحكيم الخبير أن يقيم هذا المشعل الهادي الضخم البعيد المطارح لتراه الأجيال المسلمة قويا واضحا عميق التركيز على كشف الأعداء التقليديين لهذه الأمة ولهذا الدين
أما القطاع الثاني في السورة فهو خاص بغزوة أحد وهو يشتمل كذلك على تقريرات في حقائق التصور الإسلامي والعقيدة الإيمانية وعلى توجيهات في بناء الجماعة المسلمة على أساس تلك الحقائق إلى جانب استعراض الأحداث والوقائع والخواطر والمشاعر استعراضا يتبين منه بجلاء حالة الجماعة المسلمة يومها وقطاعاتها المختلفة التي أشرنا إليها في أول هذا التمهيد
* وعلاقة هذا المقطع بالمقطع الأول في السورة ظاهرة
- فهو يتولى عملية بناء التصور الإسلامي وتجليته في مجال المعركة والحديد ساخن
- كما يتولى عملية تثبيت هذه الجماعة على التكاليف المفروضة على أصحاب دعوة الحق في الأرض مع تعليمهم سنة الله في النصر والهزيمة ويربيهم بالتوجيهات القرآنية كما يربيهم بالأحداث الواقعية
وإنه ليصعب استيفاء الحديث هنا عن طبيعة هذا المقطع ومحتوياته وقيمته في بناء العقيدة وبناء الجماعة ولما كان هذا المقطع يقع بجملته في الجزء الرابع من الظلال فلنرجئ الحديث عنه إلى هذا الجزء إن شاء الله.
ونمضي إلى ختام السورة بعد فصل غزوة أحد فإذا هو تلخيص لموضوعاتها الأساسية
* يبدأ بإشارة موحية إلى دلالة هذا الكون كتاب الله المنظور وإيحاءاته للقلوب المؤمنة ويأخذ في دعاء رخي ندي من هذه القلوب على مشهد الآيات في كتاب الكون المفتوح إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ {190} الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ {191} رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ {192} رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ {193} رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ {194}
* وهو يمثل نصاعة التصور ووضوحه وخشوع القلب وتقواه ثم تجيء الاستجابة من الله سبحانه فيذكر فيها الهجرة والجهاد والإيذاء في سبيل الله فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَاباً مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ {195}
* وفيه إشارة وعلاقة بغزوة أحد وأحداثها وآثارها ثم يذكر أهل الكتاب الذين استغرق الحديث عنهم مقطع السورة الأول ليقول للمسلمين إن الحق الذي بأيديهم لا يجحده أهل الكتاب كلهم فإن منهم من يؤمن به ويشهد بأحقيته وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلّهِ لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلاً
* وتختم السورة بدعوة المسلمين بإيمانهم إلى الصبر والمصابرة والمرابطة والتقوى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {200} وهو ختام يناسب جو السورة وموضوعاتها جميعا
ولا يتم التعريف المجمل بهذه السورة حتى نلم بثلاثة خطوط عريضة فيها تتناثر نقطها في السورة كلها وتتجمع وتتركز في مجموعها حتى ترسم هذه الخطوط العريضة بوضوح وتوكيد
أول هذه الخطوط : بيان معنى الدين ومعنى الإسلام
* فليس الدين كما يحدده الله سبحانه ويريده ويرضاه هو كل اعتقاد في الله إنما هي صورة واحدة من صور الاعتقاد فيه سبحانه صورة التوحيد المطلق الناصع القاطع توحيد الألوهية التي يتوجه إليها البشر كما تتوجه إليها سائر الخلائق في الكون بالعبودية وتوحيد القوامة على البشر وعلى الكون كله فلا يقوم شيء إلا بالله تعالى ولا يقوم على الخلائق إلا الله تعالى ومن ثم يكون الدين الذي يقبله الله من عباده هو الإسلام وهو في هذه الحالة الاستسلام المطلق للقوامة الإلهية والتلقي من هذا المصدر وحده في كل شأن من شؤون الحياة والتحاكم إلى كتاب الله المنزل من هذا المصدر واتباع الرسل الذين نزل عليهم الكتاب وهو في صميمه كتاب واحد وهو في صميمه دين واحد الإسلام بهذا المعنى الواقعي في ضمائر الناس وواقعهم العملي على السواء والذي يلتقي عليه كل المؤمنين أتباع الرسل كل في زمانه متى كان معنى إسلامه هو الاعتقاد بوحدة الألوهية والقوامة؛ والطاعة والاتباع في منهج الحياة كله بلا استثناء* ويتكىء سياق السورة على هذا الخط ويوضحه في أكثر من ثلاثين موضعا من السورة بشكل ظاهر ملحوظ نضرب له بعض الأمثلة في هذا التعريف المجمل