٤٣ كتاباً تقرؤها قبل أن تموت
مقال للكاتبة : سيلفيا النقادى
بتاريخ : 12 / 03 / 2016
ذكاء.. بل دهاء يحمله هذا العنوان... ترى هل يقصد به الترويج لهذه الكتب والإلحاق بشرائها قبل فوات الأوان لأهميتها وثرائها الفكرى؟ أم كان القصد لفت الانتباه لأهمية وحيوية القراءة فى حياتنا، وعلينا أن نقرأ ما تقدمه هذه الأعمال وتضيفه إلى تجارب حياتنا قبل أن نرحل ويفوتنا ما كان علينا معرفته والاطلاع عليه؟ فى كلتا الحالتين... العنوان رائع.. مثير ومفيد لغرضه، بعد أن عكف طويلا على اختياره وانتقاء الكتب المرشحة للقراءة فريق من المثقفين الذين يعملون لدى صحيفة الإندبندنت البريطانية، ذلك بمناسبة اقتراب الاحتفال بيوم الكتاب العالمى، الذى اختارته منظمة اليونسكو للعلوم والثقافة أن يكون يوم ٢٣ إبريل من كل عام، وهو اليوم الذى يواكب ذكرى وفاة الكاتب ميجيل دى ثيربانتس مؤلف رائعة دون كيشوت والفيلسوف والكاتب الإنجليزى ويليام شكسپير... وفى الحقيقة فإن بداية الاحتفال بهذا اليوم قد خرج لأول مرة من مدينة كتالونيا بإسبانيا فى عام ١٩٢٩ إحياء لذكرى الكاتب الإسبانى ثيربانتس، حيث تقام المسابقات ويتبادل الناس الكتب للقراءة، وذلك قبل أن تقرر اليونسكو أن يكون يوماً عالمياً منذ عام ١٩٩٥.
نعود إلى الـ٤٣ كتاباً.... نعود إلى القراءة التى أصبح مفهومها الحيوى يتلاشى بل يندثر من حياتنا... نعم أتحدث عن القراءة... ونعم أتحدث عن الكتاب... هذه الأوراق الصديقة التى ننشئ علاقة معها ومع شخوصها الذين نتعرف عليهم، ونتعلق بهم ونتشابه معهم سواء كانوا أبطالا لقصص الجريمة... الرومانسية... أو الخيال.. إن اختيار ٤٣ كتاباً من قبل مجموعة من النقاد والمثقفين للقراءة قبل فوات الأوان، حسب تعبيرهم ما هو إلا أسلوب مثير لجذب القارئ لهذه الكتب المطروحة، قد نتفق أو نختلف معهم ومع هذه القائمة، إنما يبقى جوهر المعنى فى العنوان الذى توقفت عنده أنا شخصياً حيث تأملت للحظات ما يمكن أن تحمله هذه الكتب المختارة التى قد يندم من يفوته الاطلاع عليها.
تصفحت القائمة كان فيها ما قرأته أيام الطفولة... أيام الدراسة بالمدرسة والجامعة... وكان فيها ما قرأته أثناء رحلة الحياة، ومع ذلك عدت إليهم مرة أخرى أشرد مع معان كان أثرها عميقاً على حياتى... فربما لو كانت فاتتنى قراءتها.... لكان لى مسار آخر... فخيالى بنيته مع مغامرات «أليس فى بلاد العجائب» تعلمت ألا حدود مع الخيال وكلمة مستحيل تنتمى فقط لفاقدى الخيال.. «عصر البراءة» يذكرنى دائماً أن الشعور بالندم هو السم الذى يفتك بالإنسان.... وإن لم يكن لكتاب The kite runner لخالد الحسينى ما كنت تجاوزت هذه الفوارق الثقافية التى تلمس الجوانب المظلمة عند كل واحد منا... «لوليتا» لڤلاديمير نابوكوڤ تعرى خبايا الرغبات الإنسانية بكل وضوح... دون خجل... «وجاتسبى العظيم» يتعدى كونه رواية ناقدة لسطحية مجتمع الأثرياء فى عصر الچاز بالولايات المتحدة، بل هى رواية فاضحة للمثالية المشروخة المخوخة والمراوغة للحلم الأمريكى!!.
كانت هذه مجرد رائحة من كتب قرأتها تضمنتها القائمة التى ربما أجد وتجد أنت أفضل منها بكثير... ولكنى عدت إليها وبحثت فى مكتبتى عما يوجد منها، لأننى كما ذكرت استهوانى العنوان وشعرت بأننى فى احتياج أن أشارك معكم هذا الوجدان الذى يتشكل مع القراءة ومع هذه الرسالة التى يحملها كل كتاب... وهذا ما نطلق عليه- معنى- «القراءة العميقة» والتى تختلف تماماً عن القراءة السطحية التى أصبحت الأجيال الجديدة بالتحديد تمارسها على الإنترنت... قراءة وكتب نحتاج أن نحافظ على تراثها الذى بدأ منذ قرون عديدة... نحتاج أن نتعامل معها مثلما نفعل مع المبانى التاريخية والأثرية أو الأعمال الفنية.. إن اختفاءها يعنى أننا نخاطر بالتنمية الثقافية والوجدانية لأجيال تنمو بسرعة مرعبة على أجهزة الإنترنت.
كذلك فإن تخليد جزء من ثقافتنا من شعر ورواية وأعمال أدبية أخرى هو جزء من احترامنا لمعنى التراث العالمى.. بالإضافة إلى أن القراءة العميقة التى أتحدث عنها هى تجربة دائماً فريدة للقارئ تسمح له بالإبحار فى عالم الرواية دون عوامل الانزعاج التى تظهر عند القراءة عبر الإنترنت... هذا الانغماس فى التفاصيل واللغة وتركيبة الشخصيات بالعمل الأدبى يسمح للعقل أن يخلق نوعا من التمثيل العقلى الذى يعمل على مناطق معينة فى العقل تنشطها وتسمح لها أن تعيش المشهد وكأنها موجودة فعلياً داخله.. هذا التنشيط للعقل لا يمتعه فقط كما أثبتت الأبحاث العلمية بل يساعده على تفعيل لغة التعاطف التى يستمدها من خلال الشخصيات التى ينغمس فى حياتها... وهو ما لا يحدث عبر الإنترنت... وما أحوجنا لهذه المعانى وهذه المشاعر فى الحياة... اقرأوا.... اقرأوا...اقرأوا فالقراءة للجميع... ولا بلاش العبارة دى دلوقتى!!!!!
| توقيع : sherif101 |
█████████
تحيا  مصـر
█████████ |
٤٣ كتاباً تقرؤها قبل أن تموت - سيلفيا النقادى (12 / 03 / 2016) 
2016-03-12, 10:45 pm
